تسجيل الدخول

التحديات العالمية تعيد الاعتبار للتنمية المستدامة

أبوظبي, 2020 Sep 03
يشهد عالمنا تحديات غير مسبوقة نتيجة لتأثيرات جائحة "كوفيد-19" والتي من المتوقع أن تستمر آثارها على المدى البعيد، فعلاوة على التحدي الكبير الذي فرضه الوباء على القطاع الصحي، فقد ترك تأثيراً سلبياً على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إذ فقد الملايين وظائفهم، ويواجه آخرون عواقب تؤثر على حياتهم ومعيشتهم اليومية.

وبسبب ما أحدثه "كوفيد-19" من تباطؤ في الاقتصاد العالمي اندفع العديد من الناس للبحث عن وسائل بديلة للعيش، واتسعت الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية، لتغدو الدول الأقل نمواً الأكثر تأثراً من تداعيات هذا الوباء الذي أرخى بثقله على أنحاء المعمورة، وعلى أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2015 بهدف تحقيق مستقبل أكثر استدامة للمجتمعات بحلول 2030.

ولكن ورغم ما سبق، غيرت الجائحة نظرة العالم لكثير من الأمور، وأعادت الاعتبار للنمو المستدام، فمثلاً، أسهمت الأزمة في تغيير وجهات نظر سابقة نفت الارتباط الوثيق بين السلوك البشري والبيئة والاقتصادات، وأصبح هناك اجماع واسع اليوم بأن خطورة التغيّر المناخي لا تقل أهمية عن الأزمة التي تسبب بها وباء "كوفيد-19"، ومن شأن هذا التغير في طريقة النظر إلى الأمور أن يدفع الحكومات لتبني خطوات عاجلة، إذ سلّطت الأزمة الصحية الضوء على ممارساتنا التصنيعية والإنتاجية التي تتسبب بالتلوث والهدر، وجعلتنا ندرك ضرورة التوافق بين الإنتاج ودورات الاستهلاك، لضمان مستقبل مستدام، وهو ما يسعى صندوق أبوظبي للتنمية إلى تحقيقه.

وخلال العقود الخمسة الماضية عمل الصندوق على تعزيز التنمية المستدامة حول العالم، والمساهمة في دعم جهود التنويع الاقتصادي التي تبذلها دولة الإمارات، عبر تمويل مشاريع مستدامة بيئياً واقتصادياً في قطاعات رئيسية، تشمل على سبيل المثال، مشروعاً مبتكراً في المالديف يهدف للتغلب على تحديات إدارة النفايات وإنتاج الطاقة في البلاد بطريقة صديقة للبيئة، ومشروع شركة "الظاهرة القابضة" التي تدعم مبادرات الأمن الغذائي، و"محطة تحويل النفايات إلى طاقة في الشارقة" وهي مشروع مشترك بين "مصدر" و"بيئة" يسهم في تعزيز مكانة الإمارات الرائدة في تطوير المشاريع المستدامة، وتتوافق جميع تلك المشاريع مع أهداف التنمية المستدامة.

كما شكلت المبادرة النوعية التي أطلقها صندوق أبوظبي للتنمية في عام 2013 والبالغ قيمتها 350 مليون دولار لدعم مشاريع الطاقة المتجددة محركاً رئيسياً لجهود تطوير قطاع الطاقة المتجددة على مستوى عالمي، وهي تضاف إلى جهود الصندوق على مدى السنوات السابقة في دعم هذا القطاع والتي أسهمت عن تمويل 78 مشروعاً بقيمة اجمالية بلغت حوالي 4.4 مليار درهم ما يعادل" 1.2 مليار دولار" استفادت منها 62 دولة في مختلف قارات العالم.

ومن اللافت للنظر أن هذه المبادرة حققت نتائج في غاية الأهمية، إذ مكّنت الدول المستفيدة من توليد الكهرباء من مصادر مستدامة وبأسعار معقولة، كما أنها ساهمت في إيصال خدمات الكهرباء لمئات القرى الصغيرة التي كانت تفتقر لها، إضافة إلى دورها الريادي في الحفاظ على البيئة وتخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، والحد من تداعيات التغيّر المناخي.

وفي ظل تحوّل تركيز الشركات إلى ممارسات تصنيعية أكثر استدامة، يتحتّم على الحكومات والمؤسسات التمويلية دعم هذه المساعي، والتركيز على المشاريع المستدامة والمبتكرة، خاصة وأن المؤسسات المعنية بالتمويل التنموي تؤدي دوراً محورياً في عملية التحوّل من خلال جهود الشراكات والتعاون الدولي التي تحفز الإبداع، ومن شأن هذه الخطوات دعم جهود الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة، بما يضمن تحقيق الازدهار والتقدم والتطور في مختلف أنحاء العالم.