التفاصيل

مدينة الشيخ زايد - مصر

-

تقع مصر في الزاوية الشمالية الشرقية من القارة الأفريقية، ويمتد في منتصفها وادي نهر النيل وصولاً إلى دلتا النيل شمالاً على البحر المتوسط. وكانت هذه الأرض مهداً لعدد من أهم حضارات الشرق الأوسط وموطناً لبعض المستوطنات البشرية الأولى في التاريخ. وبصفتها واحدةً من أكبر منتجي الأغذية في المنطقة، تمتاز مصر بإنتاجها الزراعي الغني مع دعمها للشريحة الواسعة من سكان الأرياف الذين يعمل معظمهم في الزراعة.

وتعد العاصمة المصرية القاهرة واحدة من أكبر المجتمعات الحضرية في العالم، الأمر الذي مكّن قطاعي الصناعة والتجارة من تجاوز قطاع الزراعة سريعاً ليحتلا صدارة القطاعات المساهمة في الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى قطاع السياحة الذي ساهم كذلك في استقدام النقد الأجنبي إلى البلاد مدعوماً بجمال مناطقها الطبيعية. وتعاني مصر من مشكلة الاكتظاظ السكاني شأنها في ذلك شأن العديد من الدول الأخرى، حيث يبلغ معدل النمو السكاني فيها حالياً نحو 2,6 مليون نسمة سنوياً بالرغم من الجهود التي تبذلها الجهات المختصة للتوعية بمفهوم تحديد النسل وخصوصاً في المناطق الريفية.

دعم البنية التحتية

في ضوء هذه التحديات، قدّم صندوق أبوظبي للتنمية منحة بقيمة 735 مليون درهم إماراتي لبناء مدينة الشيخ زايد في مصر. وكانت جهود صندوق أبوظبي للتنمية لدعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد قد بدأت عام 1974، حيث قدم الصندوق نحو 4 مليارات درهم إماراتي لدعم التنمية الاقتصادية في مصر من خلال تمويل مشاريع هامة ساهمت في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين المستوى المعيشي للسكان. وقدّم الصندوق تمويلات تنموية لأكثر من سبعين مشروعاً في قطاعات عدة مثل الزراعة، والكهرباء والمياه، والخدمات الاجتماعية والصحية، والإسكان، والصناعة، والنقل. وكان من بين هذه المشاريع إنشاء مدينة الشيخ زايد التي تحظى بأهمية وطنية كونها تساعد في الحد من مشكلة الاكتظاظ السكاني. وعبّر سعادة محمد سيف السويدي، المدير العام لصنـدوق أبوظبي للتنمية، عن رغبة الصندوق بالمساعدة في تحقيق تطلعات الحكومة المصرية من خلال تمويل مشاريع تدعم تطوير البنية التحتية الأساسية اللازمة لدفع عجلة النمو الاجتماعي والاقتصادي. وقال السويدي بهذا الخصوص "إن مساهمة الصندوق في مصر على مدى السنوات الأربعين الماضية تعكس دوره المحوري في حفز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية. كما تتماشى مشاريع الصندوق مع الأولويات الوطنية للحكومة المصرية". وحصل قطاع الإسكان المصري على حصة كبيرة من تمويل صندوق أبوظبي للتنمية، وأبرزها تمويل مدينة الشيخ زايد التي تعد واحدة من أضخم المشاريع السكنية في البلاد. وكان لهذا المشروع تحديداً دور كبير في دعم جهود التنمية الاقتصادية في مصر، والأهم من ذلك تحسين الأوضاع المعيشية للناس. علاوةً على ذلك، تم في عام 2000 توقيع عقد لبناء منشأة ناصر التي تضم 8 آلاف وحدة سكنية بتكلفة 661 مليون درهم إماراتي.

الارتقاء بالمستوى المعيشي

تقع مدينة الشيخ زايد على بعد 38 كيلومتراً غرب وسط القاهرة، وبين طريق القاهرة - الإسكندرية ومدينة السادس من أكتوبر. وتوفر مجموعة واسعة من الخدمات والمرافق أهمها: توفير المياه النظيفة لسكان المدينة، ومستشفى مدينة الشيخ زايد الذي يضم 200 سرير ويشمل جميع المعدات والتخصصات الطبية بما في ذلك قسم الطب النووي، ومباني الخدمة، والمشاريع المكمّلة الأخرى مثل مرافق الري ومقر الإدارة. وتضم مدينة الشيخ زايد كذلك مسجدين، ومدارس ثانوية للبنات والبنين، ومدرسة صناعية، وخمس مدارس ابتدائية، ومركزين تابعين لجامعة الأزهر. وتشكّل المدينة مشروعاً صديقاً للبيئة بعيداً عن مصادر التلوث والمناطق الصناعية، وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 10 آلاف فدان. ويبلغ عدد سكان المدينة حالياً 350 ألف نسمة مقارنة بهدفها البالغ 662 ألف نسمة، ويبلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية فيها حوالي 88 ألف وحدة سكنية من مختلف المستويات الاجتماعية، الأمر الذي ساهم إلى حد كبير في حل مشاكل الاكتظاظ السكاني في القاهرة.

وهناك أكثر من 27 سوقاً تجارياً تخدم مختلف أحياء المدينة، وتم إنشاؤها تحت إشراف قطاع التنمية وتطوير المدن في هيئة المجتمعات العمرانية وكذلك القطاع الخاص. تقع المدينة على ارتفاع عال فوق مستوى سطح البحر، وترتبط بشبكة من الطرق المهمة؛ فإلى الشمال يوجد طريق الإسكندرية الصحراوي، وإلى الجنوب الغربي يقع طريق دهشور، وفي الجنوب الشرقي امتداد شارع السادس والعشرين من يوليو، وتبعد المدينة 15 كيلومتراً عن وسط العاصمة. ويساهم ذلك في رفع مستوى معيشة السكان؛ حيث تم تخطيط المدينة بشوارع عريضة، ومساحات خضراء واسعة، وأكثر من 20 حياً سكنياً تتراوح بين المتوسطة والفاخرة، ويضم كلّ منها مراكز خدمية وترفيهية متنوعة مـع تنفـيذ 29 مدرسة، وإنشاء أكثر من 6 مستشفيات ومراكز صحية. وشهدت المدينة أيضاً إنشاء العديد من المساجد والكنائس ومشاريع الخدمات الرياضية لتلبية احتياجات سكانها. وعلاوةً على الخدمات المذكورة أعلاه، تضم المدينة عدداً من المباني الإدارية بما في ذلك هيئة المجتمعات العمرانية ووزارة السياحة وغيرهما. وهناك أيضاً العديد من المراكز الترفيهية التي تستقطب سكان القاهرة الكبرى وضواحيها، بالإضافة إلى مقر اتحاد الأثريين العرب - المركز البيئي والثقافي والذي ساهم بدوره في توفير آلاف فرص العمل لسكان المدينة والمدن المجاورة. ويواكب مشروع مدينة الشيخ زايد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، حيث يساهم في حفز الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية (الهدف 9)، وتطوير مدن ومجتمعات محلية مستدامة (الهدف 11).

مبادرات الاستدامة

بالرغم من إنجاز هذا المشروع الضخم، ما تزال هناك العديد من التحديات المرتبطة بالحفاظ على معايير المعيشة وجودة الحياة في المدينة. ولهذا يتعاون مجلس المدينة بشكل مستمر مع السلطات المعنية لضمان الالتزام بالقواعد والأنظمة، وتطبيق قوانين المرور الدولية في توفير معابر للمشاة ومواقف للسيارات. كما تشرف هيئة المجتمعات العمرانية بشكل مستمر على المشاريع المصممة لتعزيز كفاءة الأحياء السكنية، فضلاً عن متابعة أعمال إدارة المرافق والتعاقد مع شركات التنظيف لضمان جودة الخدمات المقدمة للسكان على مدار الساعة. وقد تم تخصيص خط ساخن لتلقي الشكاوى والتبليغ عن الأعطال على مدار الساعة. "مدينة الشيخ زايد هي مدينة صديقة للبيئة تم تطويرها بعيداً عن مصادر التلوث والمناطق الصناعية بمساحة إجمالية تبلغ حوالي 10 آلاف فدّان. وتساهم المدينة برفع معايير معيشة سكان القاهرة، فضلاً عن توفير أحياء سكنية لمختلف المستويات الاجتماعية".